الخميس، 10 أغسطس 2017

Ermïtê






محمد جيجاك

لم أكن أواعدها أبداً، كما العشاق الملهوفين، لا في الحدائق والكافتريات، أو المطاعم المنزوية، كنت دائم الطمأنينة من أنني سأراها في يوم النوروز، كما كل نوروز في الأعوام  السابقة.
لم يكن الزحام الكبير في النوروز يعيقني بالعثور عليها، كانت كباقة ورد، تنسج خيطاً من طيبها لترشدني إلى ركن تواريها
كانت تطوف بالحفل الصاخب كحاجّة شديدة الورع، وأنا أطوف حولها كمتصوف زنديق، منفصل عن الزمان والمكان.
 أصادفها وجهاً لوجه بين شجيرات البلوط، نبتسم لبعضنا كما الابتسامات السابقة، من كل نوروز مات، ثم نتدحرج على الصخور المغسولة بمطر طازج، كسنّورين اتفقنا همساً، على أن للورد رائحة أذكى من رائحة دم الضحية،  أقطف لها نرجسة بنفسجية فتردها لي نرجسة صفراء ...
لا نثرثر في أمور نفهمها، ولا نفهمها، نرتاح على حافة مطلّة على واد عميق، نضحك كجروين ناضجين، يبذران الوقت الثقيل، لهواً   فجأة تتحرش بصمتي وتسألني كغريبة عن وطنها:
ما اسم تلك القرية؟
 خاصا
 وتلك ؟
 اصلاحية
و تلك ..وتلك ..وتلك ..
ثم تضغط على يدي قائلة بحزن:
- أريد أن أجوب العالم كله ذات يوم
منذ ثلاثين نوروز تَركتْ وتركتُ أثرنا هناك، ليجوب كل منا عالمه، ولا نوروز في أي مكان كي أتربص بفرصة برائحتها.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق