الخميس، 10 أغسطس 2017

ظل اللامعنى







محمد جيجاك

بقليل من المقاومة أصدُّ ريح عاصفة
أما رائحة عنقكِ
يلوّحني في الفراغ  كفراشة الضوء

.....

سيرة حياتي كمربعات تسلية كلمة السرّ
 أشطب وأشطب 
أسماء العابرين بي صدفة وعن قصد
 أسماء الأمكنة التي مررت بها عنوة أو طوعاً
أسماء المشاهير في التاريخ و الحاضر والمستقبل
أسماء الحيوانات والنباتات وورود الشرفة
ما من مربع مفتوح ومغلق ولم أمر به  
لم يبقى حرفاً غير ملوث بحبر قلمي
ولأنني لم أعثر على كلمة السر في حياتي
مسحت بالجريدة حذاء الوقت 
لأنتعله بأناقة جديرة بي

...... 

يدهشني الكاتب الذي يتذكر كل ما كتبه 
يوحي لي أن له رأس كثلاجة تحافظ على البضاعة الفاسدة

.......


أكتب الشعر أو قصة أو رواية
 حين ينضب انفعالي اقرأها لأكتشف كم من السخف العميق كتبته
 ثم أرميها في سلّة المهملات بلا ندم، كما أفعل مع نتاجات أصدقائي 
هل سيختلف شيء؟
أعتقد أن شيئاً لن ينقص من روحي حين أخسر نفسي ككاتب سيختص في بوح الهراء

...... 

ليس لي ملامح واضحة 
 لأن قلبي رصين كرمل جُرف دهراً حتى مستقره

......


حزني لي 
لا شأن لك به 
يمكنك إلقاء نظرة وتعبر 
كما تعبر بمقبرة نائية
 مبتسماً 

.......

أحفر في ظلّي عميقاً
لأستقر في عتمة آخر النفق

.....

لا أترك بابي مفتوحاً وأنا في إنتظار أحد 
 إن لم يكن زائري لصاً
سيطرق الباب إن كان مفتوحاً أو مغلقاً
.......

حين أصل إلى مفترق طرق أدرك أن للجهات معنى قاتل

......

في المدينة التي لا أصدقاء لي فيها 
ابتسم لكل الغرباء 
حتى لو قالوا عني أبلهاً ..
أعذرهم 
لأن الابتسامة كلام 
والكلام بضاعة رخيصة

....... 

حين أكتب ليس غايتي قول أنني كتبت هذا 
الكتابة كعواء الذئب
نداء لوليمة فاجرة
إنذار لحلول كارثة 
لهو لتسجية التيه

.........


 لن أهدر الدمع في قراءة مآسي البشر
حين أخلو لنفسي
أهدر نهراً من الدمع على كل صورة في ذاكرتي

.......


كلما تهتُ عن شغبي لجئت لقراءة  كتاب
القراءة رسن الإنسان 

......


يطير العصفور حين يتعب من استراحته على غصن الشجرة




Ermïtê






محمد جيجاك

لم أكن أواعدها أبداً، كما العشاق الملهوفين، لا في الحدائق والكافتريات، أو المطاعم المنزوية، كنت دائم الطمأنينة من أنني سأراها في يوم النوروز، كما كل نوروز في الأعوام  السابقة.
لم يكن الزحام الكبير في النوروز يعيقني بالعثور عليها، كانت كباقة ورد، تنسج خيطاً من طيبها لترشدني إلى ركن تواريها
كانت تطوف بالحفل الصاخب كحاجّة شديدة الورع، وأنا أطوف حولها كمتصوف زنديق، منفصل عن الزمان والمكان.
 أصادفها وجهاً لوجه بين شجيرات البلوط، نبتسم لبعضنا كما الابتسامات السابقة، من كل نوروز مات، ثم نتدحرج على الصخور المغسولة بمطر طازج، كسنّورين اتفقنا همساً، على أن للورد رائحة أذكى من رائحة دم الضحية،  أقطف لها نرجسة بنفسجية فتردها لي نرجسة صفراء ...
لا نثرثر في أمور نفهمها، ولا نفهمها، نرتاح على حافة مطلّة على واد عميق، نضحك كجروين ناضجين، يبذران الوقت الثقيل، لهواً   فجأة تتحرش بصمتي وتسألني كغريبة عن وطنها:
ما اسم تلك القرية؟
 خاصا
 وتلك ؟
 اصلاحية
و تلك ..وتلك ..وتلك ..
ثم تضغط على يدي قائلة بحزن:
- أريد أن أجوب العالم كله ذات يوم
منذ ثلاثين نوروز تَركتْ وتركتُ أثرنا هناك، ليجوب كل منا عالمه، ولا نوروز في أي مكان كي أتربص بفرصة برائحتها.