الأحد، 19 نوفمبر 2017

شذرات طائشة



                                                   شذرات طائشة




2

لست شاعراً 
لكن أستطيع أن اهمس لك بأن المشهد الجانبي لوجهك يشبه ظل غيمة ربيعية على مرج أخضر. 
لست كاتب قصص قصيرة 
لكن سأحدّثك عن ما جرى في القطار بين عجوزين جمعتهم الصدفة بعد فراق نصف قرن .. ظلّتا تحدقان ببضعهما حتى ابتسمت احداهما فأدمعت الأخرى وصاحت بصوت مخنوق ..ماريا ايزابيلا ! ماريا فتحت ذراعيها كبديل تعثرها في النهوض ترحيباً بسبب سقوط عكازتها من متناول يدها، جحظت عيناها حتى احتضنت صديقتها القديمة وتشمما بعضهما مثل كلبين..تصوري، كانت ماريا محتفظة بذات ابتسامة صباها كتذاكر من أصدقاء أحبتهم !
لست روائياً
لكنني أستطيع التحدث مطولاً عن ابتسامتك الرمادية وعن سر ضوء عينيك الخافت و ثدييك المترهلتين قبل أوانه
لست فليسوفا
لكن أستطيع أن أصمت طوال حضورك . أفكر بجسدك النحيل وأنا أتابع بنظراتي عامل النظافة كيف يتلقف أعقاب السجائر بلطف وأناقة من أطراف مقاعد الحديقة



3


المرأة التي لا أعرفها
رأيتها صدفة
صباحاً في محطة القطار
مساءاً على جسر كابيلا
بعد منتصف الليل في خمارة صغيرة 
على صفحة الفيس بوك، انستغرام، تويتر
لا أعرف ..
تلك المرأة تنفع كقطع تبديل لحلم قديم


4


ولأنني أجيد انتظار اللا شيء
كل امرأة مرّت من حيزي على ضفة البحيرة
تخيلتها دريئة متحركة
وكل رجل عبر على خلاف اتجاهه
اعتبرته خصماً لي في المبارازة 
على إصابة الدائرة الحمراء الكبيرة
ولأنني أجيد خسارة كل شيء
أرمي سهامي ولا أنتظر النتيجة



5




أعضّ أصابعي للعشرة تريثاً
وأرتكب الحماقة
ثم أعضّها مرة أخرى ندماً
رغم لذة الحماقة


6


بأظافرها تحرث ظهري
تنفخ الهواء لينبت لهاثاً
النجوم تتهاوى ثمرة ثمرة


7


كلما مررت بمحطة القطار رميت بقُبلة في الفراغ
لينداح الهواء الراكد وتلامس أشلاء قبلتي خد امرأة ما
مثلي تماما ..ليس لها أحد تودّعه أو تستقبله


8


المرأة ترغمك على كتابة الشعر والغناء حين لا تمنحك فرصة للعواء



9


أنا وأنتِ ..
كساعتين معلقتين على حائط واحد
تشير كل واحدة لوقت مختلف
لكن عقرب الثواني مواظب على عمله لا يبالي أبداً بفرق الزمن بيننا


10

يلزمني الكثير من الحكمة حتى أفهم غموض عباراتك المنبعثة من عينيك ورجفات شفتيك..
هل تقصدين استحضار لحظات منكسرة من بين ركام الذاكرة لترميمها،
أم شغف لاحتضان الموت الذي انتظرتيه طويلاً والآن ماثل بين يديك ؟


11

كالمطرقة والسندان نتحاور كل ليلة 
لا أنا مسمار من فضة ولا أنت جذع شجرة الشوح


12

أخطأت حين قلت لها أنت فراشة، فصرتُ أطاردها مثل طفل يبكي حليب أمه 


13


إن توقفت عقارب الساعة عن الحركة يتوقف الزمن تماماً عن السير إلى حتفه، تماماً ، كما أصابعك حين تتوقف عن العبث بالوقت في جثتي.

14

المحكومين بالمؤبد أملهم الوحيد بالنجاة هو حدوث زلزال يحطم جدران السجن تماماً مثل الذين يشعرون بالحياة كصخرة جاثمة على صدورهم 

15

صادفت إمرأة في زحمة فراغ المكان كما يصادف كهل مسالم طلقة طائشة في زحمة حرب العصابات، امرأة، عبرت المكان وجسدي بإبتسامة حارة كمقاتل غرّ انتشى بتوصيبته المحققة 

16

ليس وجودي في الحياة فقط لأحب أو أكره ..بل لأعيش كيفما اتفق .. وفي الطريق إن صادفت ما يستحق قول في الحب أو الكره قلته دون تردد ..الحالتين سواء ..تعبير عن شعور صادق 

17

كثافة وجود الحمقى لا تجعلني كئيباً، إنما صامتاً حين أشرب الخمر، أو ثرثار بلا طائل عن اللامعنى

18


لا أشتر رواية لأقرأ قصة مأساوية أو حكاية حب أصادفها واقعياً كل يوم .أشتر كتاباً يرشدني للصمت حيال تلك القصص


19


لا أقرأ كتاباً غصباً عني كل كتاب قرأته حتى النهاية كان غصباً عنه ..
الكتاب الذي يقرأ لإعتبارات خارج نصه كمن يرغم كلباً على صيد لا مزاج له فيه 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق